صدمة إنسانية.. ذكرى وفاة مهسا أميني تعيد النقاش حول الوصاية على النساء
صدمة إنسانية.. ذكرى وفاة مهسا أميني تعيد النقاش حول الوصاية على النساء
تحل هذه الأيام الذكرى الثالثة لمقتل الشابة الكردية مهسا أميني التي توفيت في سبتمبر 2022 على يد ما عُرف بـ"شرطة الأخلاق" في العاصمة الإيرانية طهران بعد توقيفها بذريعة عدم ارتداء الحجاب بالشكل المناسب.
وأشعلت هذه الحادثة شرارة احتجاجات نسائية غير مسبوقة تخطت حدود إيران، لتتحول إلى رمز عالمي للمطالبة بحرية النساء وحقهن في تقرير مصيرهن، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الخميس.
وأكدت الناشطة الحقوقية المغربية خديجة الزغنيني، أن مقتل جينا أميني كان صدمة إنسانية وحقوقية عميقة؛ لأنه لم يكن مجرد واقعة تخص فتاة واحدة، بل تجسيد لحالة متكررة تعكس استمرار ممارسة الوصاية على النساء في أجسادهن وقراراتهن وخياراتهن الحياتية.
وأضافت أن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: لماذا لا يزال جسد المرأة وخياراتها الشخصية، مثل طريقة اللباس أو أسلوب العيش أو المظهر، مواضيع للنقاش المجتمعي والتدخل القسري، بدلاً من أن تكون شأناً فردياً خالصاً؟
وصاية متجذرة في الثقافة
أوضحت الزغنيني أن معظم المجتمعات العربية تنظر إلى جسد المرأة باعتباره مسؤولية مشتركة بين العائلة والمجتمع وحتى السلطة، حيث تفرض بعض الدول قيوداً صارمة تحدد مظهر النساء في الفضاء العام وتبرر هذه القيود بالحجج الدينية أو الأخلاقية أو حتى باسم "المصلحة العامة".
واعتبرت أن هذه الممارسات تتناقض مع الحقوق الأساسية للمرأة ومع واقعها بوصفها كائناً كامل الأهلية والكرامة.
ودعت الناشطة الحقوقية إلى أن تتحول ذكرى مقتل جينا أميني إلى فرصة لتقوية التضامن النسوي العابر للحدود، مؤكدة أن "ما وقع في إيران يعكس واقعاً مشتركاً تعيشه النساء في المنطقة، سواء في المغرب أو غيره، من تمييز وعنف ومنع من تقرير مصيرهن".
وشددت على أن التضامن يجب ألا يتوقف عند حدود اللحظة الرمزية، بل أن يتحول إلى بناء حركة مستدامة تركز على التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي للنساء.
مقترحات عملية للتغيير
اعتبرت الزغنيني أن تعزيز التضامن يتطلب بناء منصات رقمية مشتركة، وتنظيم ورش عمل دورية لتبادل التجارب، إضافة إلى دعم مبادرات التوجيه والإرشاد بين النساء ذوات الخبرة والشابات المبتدئات.
ورأت أن التغيير لن يتحقق إلا بإشراك الرجال والشباب، لأن قضايا المرأة لا يمكن أن تظل محصورة بين النساء فقط، مؤكدة أن انخراط الرجال يعزز فرص التغيير ويمنح الحركة النسائية قوة إضافية.
وشهدت إيران في أعقاب مقتل جينا أميني مظاهرات واسعة قادتها النساء تحت شعار "المرأة، الحياة، الحرية"، وامتدت إلى مختلف المدن الإيرانية، قبل أن تتحول إلى حركة احتجاجية عالمية استقطبت التضامن من منظمات حقوقية ومؤسسات دولية.
ورغم محاولات السلطات الإيرانية قمع هذه الاحتجاجات، ظلت القضية حية رمزاً لمقاومة الوصاية والتسلط على النساء في المنطقة، ورسخت جينا أميني في الذاكرة الجماعية أيقونة للنضال النسوي.